Pages

Thursday, September 19, 2013

محمد الجمال : الأزهر جوهرة التاج

وسطية الأزهر هى جوهرة التاج التى يجب أن تعلوا رؤوسنا في تلك المرحلة بالتحديد لأن الغرب يريد أن يحارب المسلمون بعضهم بعضاً
ليشغلهم عن قضاياهم الأصلية …
لعلى لا اقع فى مجازفة المبالغة لو قلت أن الحضارات غير الإسلامية بنت تصوراتها على فلسفة الصراع كأداة للتعامل مع الغير يحكمها المصالح فماذا ننتظر من حضارة تعجز عن الجمع بين “الإيمان بالمادة والإيمان بالله” يحكمها معيار مادى صرف واحتياج إلى تأمين إقتصادها بتشغيل مصانع السلاح وإشعال صراعات متعددة حول العالم .. والمحاولة المستميتة فى السيطرة على مصادر الثروة خارج حدودها… حتى لو تم ذلك على جثث الأخرين وأشلائهم.غير عابئين بما أمر به دينهم أو حتى ما توصل إليه فلاسفتهم من تعاليم التعايش مع الأخر.
فالثابت من استقراء التاريخ أن الوسطية كانت دائما أول ما يلمحة الاَخر من مظاهر الحضارة وتجلياتها, وأول ما يشجعه على تقبل ما تحمله إليه من قيم وتشريعات وأنماط ثقافية وسلوكية . والثابت أيضا ً أن حضارة المسلمين نزلت إلى ميدان التجربة وأثبتت وجودها على أرض الواقع واستوعبت فى صراعاتها أعتى حضارتين عرفهما  العالم اَنذاك. أنها حقاَ لعجيبة من أعظم عجائب التاريخ… نظراَ لطبيعة العقيدة التى شكلت روح تلك الحضارة ,وطبيعة الرجال الذين حملوا العقيدة وعرفوا كيف يتغلبون على أعدائها.
فالأمر الذى لا مرية فيه أن رسالة هذة الحضارة قد تميزت بالمرونة والقدرة على الاجتهاد وعدم الإنغلاق فى تشريعات وأحكام جامدة  فاتسمت بصلاحية الرسالة لكل زمان ومكان ,صلاحية متجددة كلما تجددت الأحوال
والظروف والأزمنة والأمكنة عناصرها الوسطية والتوازن تمثل الطاقة المتجددة التى مكنت تلك الحضارة من الانتشار بين أمم مختلفة فى البيئة واللغة والعرق والعقيدة والحضارة. فالوسطية منهج قراّنى ومنهج ثابت فى متن هذا الدين “الوسطية” بالعدل والإعتدال… التى لا تغلب المنهج العقلى فحسب … وافترقت جذرياَ عن نظرية العدالة الأفلاطونية…ونظرية الوسط الأرسطية… والوسط الذهبى الذى أوصى به كونفوشيوس… فكل تلك الوسطيات الفلسفية التأملية بعضها يغلب عليه الجانب العقلى ,والبعض الاّخر يغلب عليه الجانب الأسطورى .
أما الوسطية العادلة التى تميزت بها فلسفة أرسطو والتى قيل إنها أقرب نظريات الأخلاق للوسطية الإسلامية لم تسلم من العيوب التى سجلها عليها علماء الأخلاق ولم تعد مع تلك العيوب معياراّ جامعاَ مانعا كما أرادها صاحبها.َ..كالعدالة التوزيعية … فى قدرتك أن تعطى أشخاص متساويين كميات متساوية وأشخاص غير متساويين كميات غير متساوية…أو العدالة التعويضية … فى قدرتك على أن تأخذ ممن أخذ كثيرا بعوامل اجتماعية غير عادلة لتعطى من أخذ قليلاَ تحت تأثير نفس العوامل…ولا يزال هذا التقسيم جوهر الخلاف فمن هو من يستحق ومن هو من لا يستحق؟!…
هنا تكمن معضلة التنظيم الإجتماعى . ومع اقتراب البعض من الفكرة الإبراهيمية للعدالة “فإن فهم العدالة ليست كعميلة جمع او طرح ولكن كوحى ,مع اختلاف الفهم للوحى . وحديثاً طرح ظهور مفهوم السيادة الشعبية وتحول القوة الى يد الشعب افاقا جديدة حول كيفية توزيع تلك القوة بشكل عادل بأيدى الناس,كما أن ظهور النموذج الرأسمالى وقدرة الإنسان على مراكمة الثروة طرح تساؤلات خطيرة… حول عدالة توزيع الثروة فقد اختلف البعض حول ما هى طبيعتنا البشرية الأولى هل هي سيئة بالمطلق وحرب دائمة ليسيطر كل منا على الاخر… أم هى ليست سيئة بالمطلق وكلنا فى دولة الطبيعة أحرارا ومتساويين ومتعايشين ولكن ينقصنا التنظيم… الواقع الرأسمالى الذى تبناه الغرب يميل إلى الشق الأول.ولذلك توجد دائما مؤامرات وخطط قصيرة وطويلة الأمد هدفها كيفية الحصول على ثروات الشرق بدون أى عناء من خلال تأجيج الفتن الطائفية …وأشعال الصراعات المتعددة …
 والأن  يلعب الغرب بشدة وتر “المذهبية” فإنهم مهما تكلموا عن الديمقراطية والحرية وما إلى ذلك من عبارات يفاضلون بين الناس على أساس عقائدى فى أساس القانون وليس فقط فى الممارسة وبالتالى فإن وسطية الإسلام هى وسطية جامعة فى توازن وانسجام لا تناقض فيه وأن الأزهر منارة المسلمين فى نشر التراث الوسطى وإذاعته بين الناس لتقف الأمة فى وجه نزعات “التكفير والتفسيق” فى خلافيات تسع الناس جميعاَ وذلك حتى نتمكن من وقف هذه التداعيات التى توشك أن تقضى على وحدة الأمة وقوتها…واحترام التوازن فى “الجمع بين العقل والنقل”وإنهاء الخصومة المصطنعة بينهما والتى تسيطر الأن على بعض الأفهام …وإصلاح هرم الأولويات المقلوب رأسا على عقب وإعادته إلى وضعه الصحيح بالتركيز على جوهر الدين وعلى المتفق عليه بين المسلمين ثم على المشترك بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الكتب السماوية…ونبذ جميع صور العنف التى تروع الأبرياء والامنين ورفض بعض المنتسبين إلى الإسلام من جرائم ترويع وتدميرواشعال الفتن… سواء “بالسلاح أوالقلم”…وفى الوقت نفسه نطالب دول الغرب توخى العدل فى سياساتهم وأن يتوقفوا عن سياسة الكيل بمكيالين فى قضايا الأمه الإسلامية والتحلى بالجدية والمسئولية والإنصاف وعدم بث الفتن والضغط على الاختلافات فإن هذة الإختلافات… “اختلافات مؤمنين يصلون إلى قبلة واحدة لأن الكل يشير إلى معبود واحد وإنما هى اختلافات فى العبارات”
(2)
 بقي أن نفهم أن غياب فهم سياسة الأولويات فى التعامل مع القضايا عندما تتقدم الخلافات المستهلكة تاريخياً على المصالح الكبرى… وتحديد العدو المشترك يترك تأسيس منهج صحيح للتعامل مع التحديات الخطيرة المشتركة. كما أن التأييد المطلق والهجوم المطلق يؤججان الفتن التى فشلت في السابق بتحالف “الأزهر والكنيسة” واحترافية فى كيفية إدارة الأزمات من فريق أعتبرهم جنودٌ مجهولون غايتهم الحفاظ على تراب الوطن وسلاحهم العلم والتقوى فقد باءت الفتن الطائفية بين المسلمين والمسيحين بالفشل بفضل هؤلاء الجنود من الأزهر والكنيسة  والأن يأتى الدور الأعظم لإفشال الفتن المذهبية التى يريدها الغرب بأن يحارب المسلمون بعضم بعضاً… بعد أن درسوا وحللوا واستنتجوا أن الوطن ليس عرضه للإنقسام “الإسلامى مسيحي” فوجهوا الدفة إلى فتنة أخرى مذهبية اَملين أن تنجح الخطة غير عابئين بأولائك الجنود الأوفياء القادرين على إدارة الأزمات مهما كانت والهدف واحد الحفاظ على تراب الوطن الموحد رافعين شعار “الاعتدال” متبنين منهج “الوسطية”وإن لم يعلنوا عنها لفظاَ. ومن دلائل وسطية جنودنا الأجلاء قبول بعضهم البعض واعترافهم باختلاف وجهات النظر وجواز تعدد الرأى فى المسألة الواحدة بل لقد ترك “الإمام الشافعى رحمه الله” القنوت فى صلاة الصبح لما صلى مع جماعة “الحنيفة” فى مسجد إمامهم على خلاف مذهبه وفسروا ذلك بأنه فعله “تأدبا أو تألفا” وإجتهادى الشخصى “إنما أنا بشر أخطئ وأصيب تلك الكلمات البسيطات” كانت نصب عين الإمام الشافعى رحمه الله .
فانظروا وتفكروا لتحديد العلة… وعدم إدارة الظهر للعقل وضوابطه وحكم الهوى والسياسة والمنفعة وعدم التعبد للعقل أيضاَ فى كل شاردة وواردة وعدم إنشاء عقائد مشوهة تحاكم بها الناس وتقاتلهم عليه. ويحدثنا التاريخ أن الأمة هى التى تدفع دائماّ الثمن غالياَ لهذا الترف العقلى لنخبة من العلماء والدعاة يعيشون في القصور ويحتمون بأصحاب المال والجاه والسلطان.
(3)
كما ذكرت سابقا أننا نميل إلى أننا كلنا فى “دولة الطبيعة” “أحرارا ومتساويين ومتعايشين ولكن ينقصنا التنظيم” لبناء واستعادة أقوي الحضارات علي الأرض الحضارة الإسلامية وقتها سينقلب السحر على الساحر ولا أقول أننا سنصدر إليهم تلك الأزمات أو نلعب على أوتار عدة هى بالفعل نقط ضعف …لهم من الممكن أن تقسمهم إلى دويلات صغيرة التى من خلال البحث والدراسة  أتضح أنهم “دول هشه” واللعبة الطائفية والمذهبية والفكرية والحضارية أدواتهم هي التي  ستفتتهم إلى قرى صغيرة لا تتجاوز مساحتها المائة كيلو متر مربع فهناك معطيات كثيرة يمكن استغلالها للوصول إلى ذلك الهدف ولكن ليست هذه خصالنا أو أهدافنا. لن نتركهم يستجدون منا المعونات الغذائية كما كانوا فى السابق وأوكد أنه إذا حدث ذلك  أننا سنتسم بالكرم فهذا ديننا  الوسطى الذى يأمرنا بإغاثة الملهوف ….

No comments:

Post a Comment